الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

قصة / الإطار الزجاجي ..

*
*

ذات صباح ..حل زائرٌ بظله الخفيف على سريري الحريري..كنت أتقلب يمنى ويسرى لأمنعه عني ..سحبت الملايا الشبه شفافة كي أغطي به جسدي الوردي لكن دون جدوى فهذا الزائر لازال يلامسني .. ،عندها نفضت فراشي الحريري وبحركة انسيابية مثقلة بوهن النوم توجهت إلى الشباك لأسدل الستائر القاتمة علها تمنع الزائر المشاكس عن مداعبتي ..
توقفت أمام الإطار الزجاجي لغرفتي عندها تجمدت ساقاي عن الحراك وعيناي أصابهما الشرود للحظات حيث هو خلف الإطار الزجاجي أخذني من يدي ،و إذا بي .. اترنم
بأغنية عبدالحليم : "زي الهوى ياحبيبي" ....وخدتني ومشينا والفرح يضمنا ونسينا يا حبيبي مين أنت ومين أنا ... حسيت إني هوانا حيعيش مليون سنة .... واتريني ماسك الهوى بإيديا ماسك الهوى ...وآه من الهوى ياحبيبي آه من الهوى ... إلى آخرها، وكأنها تصور حالتنا هذه أنا وهو ...
هو عالمي الذي ملأني بكل سكناته ... يا إلاهي إلى أين يسير بي لا لن امنع نفسي من هذه اللحظات الجميلة وأنا معه ، قائلةً له : أكمل المسير ياحبيبي فأنا معك .. وعلى مفرق طريق الغابة حيث الزهور البرية صنع لي طوقًا من الياسمين... آآآآآآآه ما أجمل رائحتها كرائحة حبيبي.. حينها كنت اشهق وأزفر .. توجهنا نحو النهر قائلاً : هنا يا حبيبتي نبيذ النهر الذي سيقاسمنا سكرتنا الأخير لنلهو معًا على أحجاره الصخرية ..هيا هيا ياحبيبتي .. لم تفارق يدي يداه كان في كل خطوة يشد علي يدي وكأنه يخشى أن أتسرب من بين يديه كضفاف هذا النهر الجاري الذي أغار منه للحظة فهذا النهر يلامسني كما يلامسني هو .. نظر بازدراء قائلاً: لا لا أيها النهر أسكب نبيذك لنرتوي و اترك نبيذ شفاه حبيبتي لي ... أخذني من يدي هنا على هذه الصخرة الكبيرة سنشرب معًا لا يشاركنا أحد الليلة هذه شتشهد خذر جسدينا ا
قتربي أكثر ما بك ؟؟ اتخجلين من مداعبتي لضفائرك التي تتراقص فوق نهديك بكل خيلاء ، تنــــــهد وقال : انظري يا حبيبتي إلى غروب الشمس أنها خجلة مثلك رقيقة برقة روحك أترين تبًا لهذا النهر أنه يجيد ملامسة المارين بقربه حتى الشمس الغارقة بين أغواره رغم جمال المنظر لكن لا أتمنى أن تغيبي عني كغياب الشمس عن الكون .. تنهدت لحظتها وعيناي غارقة منصتة لما يقول وتتأتأت قائلة :لا لا .... لن أغيب عن ناظريك .. هيا فالسماء أوشكت أن تسدل ستار السواد بين باحات الغابة .. وأخاف أن تغيب ملامحك عني ولو للحظة ...!! تنهد بأنفاسٍ عارمة انظري إلى السماء إنه القمر يجاورنا ولن يبدد ملامحك فهو يشبهك حبيبتي .. أطلنا النظر إلى القمر ودون أن يهمس أيًا منا بشيء وبين لحظة وأخرى نتبادل النظر بشهقة تلونت بها أعيننا ... ، وإذا بالسماء ترتدي ثوبًا بلونٍ آخر حجب القمر عنا لتساقط حبات المطر من بينه ، أومأ بعينيه قائلاً: يا إلاهي كأن القمر يبكي بغزارة لفراقنا.. حبيبتي هيا ستصابين بالبرد لنستظل بأي شجرة ..، وشد بيدي مسرعاً نحو شجرة كبيرة ... هنا يا حبيبتي فلا أريد أن يلامس جسدك غيري ... وتعالت ضحكاتي الهستيرية ، وإذا به ينظر إلي بنظرة لم أفهمها أهي نضرة خجل أم خوف .. يا إلاهي ما بي هل أغضبته هل و .. هل ...؟؟ أسئلة مجنونة لم تفارق عقلي للحظات ... فنظرت إليه .. و استرسلنا في الحديث واخذت أداعبه بهمسات وكلمات حانية كي أخرجه من قوقعة الخجل الذي رسمهما بين عينيه .. آه انظر ياحبيبي إلى منظر السماء أترى قوس القزح أنه يشبه طيف قلبك الذي منحتني إياه... في هذه اللحظة لم تفارق عيناي عيناه اللؤلؤتين اللامعتين وكأنهما خرجتا من قوقعة المحار .. غصت بينهما للحظة محاولة الكشف عن مكنونهما ... شد على يدي قائلاً : الآن علينا ان نسابق الريح قبل أن يبدد برماله ملامح وجهك .. كنت لا أعلم لما هو يخشى في كل مرة بأن تتبدد ملامح وجهي عنه .. فسألته ولما كل هذا القلق ؟ وكيف ويداك لم تفارق يدي؟ فضحك ضحكة حالمة قائلاً : حبيبتي هاهي الرياح ترسل رمالها تجوب هنا وهناك لتغطي ما حولها ليتني أستطيع منعها لأكون معك للأبد .حبست أنفاسي للحظات آه لا لا ياحبيبي دع عنك هذه الأفكار ولنعش هذه اللحظات بكل تفاصيلها .. قال : أمعني النظر إلي و ادعي الله أن نلتقي هناك معًا .. قالت بغضب : كيف ما بك أنت هنا ، فكيف تتمنى أن نلتقي هناك...؟ واشتدت الرياح فغطت كل شيء حولها ، آه لا لا أين أنت ياحبيبي لا تتركني لوحدي و صرخت بأعلى صوتي لا تتركني لا تتركني .. دموعي أذابت تجمد قدماي فسقطت على الأرض... أيقنت حينها أنني كنت شاردة الذهن خلف الإطار الزجاجي المغطى بالرمال .. إذن ذاك الزائر المشاكس أين ..؟؟ اختفى ..!! آه يا ألاهي الآن أدركت لما كان يصر أن يمسك يدي بشده . ..! نعم لا زلت أشعر بيداه الباردة وهي تشد على يدي في لحظة رحيل روحه مذ عامين.... ليرحمك الله يا زوجي الحبيب وسأدعو الله أن نلتقي هناك معًا ..... في الجنة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق